الأسس القرآنية لحقوق الإنسان أكمل وأدق من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان
وفقا لتقرير العلاقات العامة في الجامعة الرضوية للعلوم الإسلامية أقيم اللقاء الأول من سلسلة اللقاءات العلمية القرآنية الدولية تحت عنوان "القرآن الكريم وحقوق الإنسان"، والتي تقام بالتعاون بين الجامعة الرضوية للعلوم الإسلامية، وجامعة السويس في مصر، ومعاونية العلاقات الدولية في العتبة الرضوية المقدسة.
وقد شارك في هذا اللقاء العلمي المثمر ثلة من أساتذة الجامعة الرضوية للعلوم الإسلامية، والمفكر الإسلامي الدكتور جمال رجب سيدبي؛ أستاذ الفلسفة الإسلامية في جامعة السويس في مصر.
وبعد التقديم للقاء والتعريف بموضوعه من قبل فضيلة الشيخ الدكتور مصطفى فقيه اسفندرياري معاون الشؤون الدولية في العتبة الرضوية المقدسة، والأمين العلمي للقاء، بدأت المشاركات العلمية بورقة فضيلة الشيخ الدكتور علي أكبر رستمي، عضو الهيئة التدريسية لقسم علوم القرآن والحديث في الجامعة الرضوية للعلوم الإسلامية، والتي جاءت تحت عنوان "أسس الكرامة الإنسانية في القرآن الكريم".
وفي كلمته أشار فضيلة الشيخ الدكتور علي أكبر رستمي إلى الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وما يتضمنه من خمسة بنود أساس، وقال: ينص هذا الإعلام على حق الحياة، وحق الكرامة، وحق الحرية، وحق التعليم، وحق المساواة، وهذه الحقوق منصوص عليها جميعا بشكل أدق وأكمل في القرآن الكريم، وبالطبع وفق أسس مختلفة تماما عن أسس الفكر الغربي.
ولفت إلى وجود مبدأين لحقوق الإنسان في القرآن الكريم؛ المبدأ الأول أنّ الإنسان مخلوق الباري سبحانه، والمبدأ الثاني هو العدالة، وبناء على المبدأ الأول تتضمن حقوق الإنسان الحق الجسماني والحقوق المعنوية والروحية، وذلك لأنّه انطلاقا من كيفية خلق الباري تعالى للإنسان فإنّ حقوقه تشمل البُعدين المذكورين معاً.
وتابع عضو الهيئة التدريسية في الجامعة الرضوية قائلا: تحدث القرآن الكريم عن الخلقة الجسمانية للإنسان في الآية الشريفة (وَ بَدَأَ خَلقَ الإِنسانِ مِن طِين) "السجدة/7"، وخلقته الروحية في الآية الشريفة (فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي) "الحجر/29"، وإنّ هذه الخلقة الروحانية كانت المنطلق لتميُّز الإنسان عن غيره من الموجودات، هذا الإنسان الذي حظي بتكريم الخالق سبحانه كما تصرّح الآية 70 من سورة الإسراء (وَ لَقَدْ كَرَّمْنا بَنِي آدَمَ وَ حَمَلْناهُمْ فِي الْبَرِّ وَ الْبَحْرِ وَ رَزَقْناهُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ وَ فَضَّلْناهُمْ عَلى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنا تَفْضِيلًا).
وأضاف: صفة الكرامة للإنسان كانت نتاجا لهذه الخلقة الإلهية الفريدة، وبناء عليه عندما تقترن هذه الكرامة بتقوى الله سبحانه يصبح أكثر الناس اتصافا بالتقوى أكثرهم تميزا بصفة الكرامة؛ أيّ يصير أتقى الناس أكرمهم.
وقال فضيلة الشيخ الدكتور رستمي: على هذا الأساس يمكن تفسير حق الحرية للإنسان من وجهة النظر القرآنية؛ ومن ذلك حريته في اختيار طريق الحياة (إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَ إِمَّا كَفُورًا) "الإنسان/3"، وحرية الإنسان في اختيار الدين (لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ) "البقرة/255".
وأضاف: في الرؤية الغربية يقصد بحق الحرية؛ حرية الشهوات والغرائز والميول، أمّا وفقا للقرآن الكريم فإنّ الوصول إلى الحرية الحقيقية منوطٌ بوجود ضوابط للشهوات الإنسانية بما يتناغم ويتفق مع خلقة الإنسان ببعديها الجسدي والروحي.
وتابع عضو الهيئة التدريسية في الجامعة الرضوية قائلا: المبدأ الثاني هو مبدأ العدالة الإلهية، الذي نستنبطه من الآية الشريفة (لا يُكَلِّفُ اللّه نَفْساً إِلاّ وُسْعَها) "البقرة/ 286". وقد تحدث القرآن الكريم عن العدالة كغاية وهدف لإرسال الرسل، وهذا ما نراه في الآيتين الشريفتين (لَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلَنا بِالْبَیِّناتِ وَ أَنْزَلْنا مَعَهُمُ الْکِتابَ وَ الْمِیزانَ لِیَقُومَ النّاسُ بِالْقِسْطِ) "الحديد/ 25"و (وَلِكُلِّ أُمَّة رَّسُول فَإِذَا جَآءَ رَسُولُهُم قُضِيَ بَينَهُم بِالقِسطِ وَهُم لَا يُظلَمُونَ) "يونس/ 47".
وفي ختام ورقته أوضح الدكتور رستمي أنّ حق المساواة الوارد في إعلان حقوق الإنسان موجود بشكل أرقى وأكمل في العديد من آيات القرآن الكريم، ومنها الآية الشريفة: (إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا) "الأحزاب/ 25".