مقولة "شعب الله المختار" فهم تسلطي ناجم عن أهواء أنفس مريضة
وفقا لتقرير العلاقات العامة في الجامعة الرضوية للعلوم الإسلامية شارك الدكتور حميد عباس زاده عضو الهيئة التدريسية لقسم اللغة العربية في الجامعة الرضوية في اللقاء الأول من سلسلة لقاءات "القرآن وحقوق الإنسان" العلمية الدولية، وقدّم ورقته تحت عنوان "الكرامة الإنسانية في القرآن؛ دلالات وتجليات".
وقد استهل مشاركته ببيان المعنى اللغوي لمفردة "الكرامة" في القواميس العربية، موضحا أنّ من مرادفات الكرامة كثرة الخير، وجمع أنواع الخير والشرف، والبذل والعطاء السهل وغيرها من المرادفات.
عضو الهيئة التدريسية في الجامعة الرضوية تناول في الجزء الثاني من ورقته استعمالات المفردات المشتقة من الجذر "كرم" في القرآن الكريم، مبينا تكرار هذه المشتقات 47 مرة، أكثر من عشرة منها جاءت صفة للباري تعالى. كما يمكن تقسيم الكرامة في القرآن إلى معنيين أولهما فطري والثاني اكتسابي، حيث تشير الآية الشريفة (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهم مِّنَ الطَّيّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً) "الإسراء/70" إلى المعنى الأول، وتشير الآية المباركة التالية إلى المعنى الثاني (يا أَيّها النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) " الحجرات/ 13".
وبعد توضيحه لهذا الجانب الدلالي، أشار الدكتور عباس زادة إلى مصاديق تجليات الكرامة في القرآن الكريم بقوله: نجد في الآيات التالية تجليات سامية لكرامة الإنسان، ومنها أنّ خلق الإنسان كان على الوجه الأحسن جسدا وروحا، وذلك في الآية الشريفة (وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ) "غافر/64"، ومنها نفخ الروح الإلهية في الإنسان المصرح به في الآية الكريمة (إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِن طِينٍ * فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ) (ص/71،72)، ومنها مقام الخلافة الإلهية للإنسان في الأرض (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً) "البقرة/30".
وتابع قائلا: من التجليات الأخرى لهذه الكرامة تسخير ما في السماء والأرض للإنسان (أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ) "لقمان/20" وإرسال الرسل للناس وإنزال الكتب السماوية (لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ) "الحديد/25 "، وكذلك تشريع القوانين بغية تحقيق الحياة الطيبة للإنسان، وهو الأمر المصرّح به في كثير من الآيات الكريمة، والتي تحدثت عن حقوق الحياة، والحرية، والعدالة، والمساواة، ونظائرها، فهي جميعا مصاديق بارزة وقيّمة لكرامة الإنسان.
وأوضح الدكتور عباس زادة: وفقا لآيات القرآن الكريم فإنّ نطاق الكرامة الإنسانية يشمل جميع بني البشر، ويشمل جميع الوجوه والجوانب الفردية والجمعية، والمادية والمعنوية، والجسمية والروحية، وجميع الأماكن والأزمنة، وهو حق ثابت لا يتغير للإنسان.
وأشار في ختام مشاركته إلى أنّ الكرامة اليوم تتعرض للتقييد والتضييق والتفاسير القائمة على أهواء الأنفس المريضة الطالبة للتسلط والاستعلاء، ومن ذلك ادعاء اليهود أنهم شعب الله المختار، والاستعلاء العنصري الذي يؤمن به النازيون، وغطرسة الولايات المتحدة الأمريكية التي تستغل شعارات الدفاع عن حقوق الإنسان لتحقيق مصالحها، وفي ذات الوقت تتغاضى عن الجرائم التي يرتكبها الكيان الصهيوني الغاصب بحق الشعب الفلسطيني.